كيف تتسامح..مع من يختلف معك؟

السـلام عليكم و رحمة الله و بركـاته

بعض الناس لا يعرفون كيف يتعاملون مع الآخرين هم بالنسبة لهم إما أصدقاء جدا أو أعداء ألداء..
وفي لحظة يمكن أن يتحول الحبيب إلي خصم لا يطاق لمجرد أنه اختلف مع الآخر أو أخطأ في حقه.
هذه النظرة الضيقة تخالف أخلاق الرسول الكريم وأسلوبه الحكيم حتي في مفاوضاته مع الكفار لدرجة أنه كان يمتدح أخلاق بعضهم حتي لو تأخروا في إعلان إسلامهم..

نفضل الجياد علي الأولاد!

تفاصيل مرحلة تفاوض النبي مع القبائل ليضمها إلي الإسلام؟

- النبي "[".. خاض 26 تجربة فاشلة مع القبائل لدعوتهم لدينه الجديد، ولكن لم يقعده الإحباط أو يكسره الفشل.. ومنها تجربة مع قبيلة بني شيبان الذين التقاهم الرسول الكريم،

وكان يمثل بني شيبان في اللقاء ثلاثة من قادتهم الكبار:

مغروق بن عامر وهانيء بن قبيسة والمثني بن حارثة.

تقع المنطقة التي تسكنها بني شيبان بين بلاد العرب وبلاد الفرس،

علي الأطراف الحدودية، وبينهم وبين الفرس معاهدات وعلاقات قوية جدا

وكان الفرس في ذلك الوقت دولة عظمي.

يلتقي النبي "[" بهؤلاء الثلاثة

من قادة بني شيبان ومعه أبو بكر الصديق الذي يعرف أنساب العرب..

وهو مثل وزير الخارجية الآن.

دخل النبي "[" علي بني شيبان فقال له أبو بكر الصديق: يارسول الله هذه قبيلة عظيمة لو قبلوا والله لأعزنا الله بهم عزا عظيما.

يبدأ أبو بكر اللقاء فيسألهم:
كم عددكم؟ "يقصد المقاتلين" فقالوا: يزيد علي الألف رجل، فقال أبو بكر: فكيف المنعة فيكم؟.. فقالوا: علينا الجد والبذل وعلي الله النصر والفوز.
فقال أبو بكر: فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟.. فقالوا: إنا أشد ما نكون غضبا حين نلقي عدونا، وإننا نفضل الجياد علي الأولاد، ونفضل السلاح علي اللقاح.
أي لا تهمنا زراعة الأرض بقدر ما يهمنا وجود السلاح بين أيدينا.

حكمة اختيارات النبي من آيات القرآن

ينظر مغروق إلي النبي وسأل:

لعلك أخا قريش؟

فرد أبو بكر: نعم، أو بلغك أنه رسول الله؟

فقال مغروق: بلغنا أنه يزعم أنه رسول الله.

فيسأل مغروق: فماذا تريد؟

فقال النبي:

أن تأووني وتحموني حتي أبلغ رسالة ربي، فإن قريشا تكالبت علي أمر الله،

وأن الله غني حميد.

فقال مغروق: إلام تدعو يا أخا قريش؟

فرد النبي "[": بهذه الآيات:
قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون "سورة الأنعام".

فقال له مغروق: وإلام تدعو أيضا؟

فأكمل النبي الآيات:
ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتي يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فأعدلوا ولو كان ذا قربي وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون.

فأشرق وجه مغروق وقال:

وإلام تدعو أيضا؟

فقال النبي:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.

أنظر اختيار النبي لما يقرأ علي الكفار؟

يحدثهم عن الأخلاق، عن الأشياء التي تتفق مع فطرة كل إنسان محترم.

فسكت مغروق.

فقام هانيء بن قبيسة وقال:

قد سمعت مقالتك يا أخا قريش ولكن لا نترك ديننا ونتبعك في جلسة واحدة

ليس لها أول ولا آخر، إنه لوهن في الرأي، وإن الذلة في العجلة ولكن ننظر وتنظر ونفكر ونعود إليك.

فرفع المثني بن حارثة يده وقال:

يا أخا العرب يا أخا قريش إني أري ما تدعو إليه تكرهه الملوك وإني أري أن

الفرس إن سمعت بهذا الكلام ستحاربه وإن بلادنا تقع بين بلاد العرب وبلاد

الفرس، فأما ما كان من جانب العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول،

وأما ما كان من جانب الفرس فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول.

ثم أردف: فنستطيع أن نحميك من جانب العرب ولكن لا طاقة لنا بالفرس.

فقال النبي:
ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق.

أي أنتم أناس صادقون ومحترمون..

ولكن لا يقوم بهذا الأمر إلا من أحاطه من جميع جوانبه .